حضانة الأطفال بعد الطلاق في الأردن
يعد الطلاق من أبرز المشاكل الاجتماعية التي تواجه الأسر في المجتمع الأردني، ويترتب على هذه المشكلة العديد من التحديات القانونية والاجتماعية والنفسية. من أبرز القضايا التي تثار بعد الطلاق هي قضية حضانة الأطفال، والتي تمثل إحدى النقاط الحساسة في العلاقة بين الزوجين السابقين. الحضانة ليست مجرد أمر قانوني، بل هي قضية تحمل في طياتها الكثير من المشاعر الإنسانية، والتي تهم بشكل أساسي مصلحة الطفل ورفاهيته النفسية والاجتماعية.
تعريف الحضانة
الحضانة هي الرعاية التي يُمنح بموجبها أحد الوالدين أو أحد الأوصياء حق العناية بالطفل بعد الطلاق. في النظام القانوني الأردني، تُعد الحضانة من الأمور التي تحظى باهتمام بالغ من قبل المحكمة الشرعية، حيث تتولى تحديد الطرف الأكثر قدرة على تقديم الرعاية الكافية للطفل وفقًا لمجموعة من العوامل التي تهدف إلى الحفاظ على مصلحة الطفل الفضلى.
القوانين المتعلقة بحضانة الأطفال بعد الطلاق في الأردن
في الأردن، تُنظم قضية الحضانة في قانون الأحوال الشخصية الأردني الذي يحدد شروط الحضانة وأحقية الأب أو الأم في الحصول عليها. وفي هذا السياق، ينص القانون الأردني على أن الحضانة هي من حق الأم طالما كانت قادرة على العناية بالطفل، ويُشترط أن تكون الأم في حالة من الاستقرار النفسي والاجتماعي والصحي لكي تكون مؤهلة للحضانة. لكن في حال لم تكن الأم قادرة على الرعاية أو وجود شروط أخرى قد تضر بالطفل، يتم النظر في منح الحضانة للأب أو أحد الأوصياء.
معايير تحديد الحضانة
تتعدد العوامل التي تأخذها المحكمة بعين الاعتبار عند اتخاذ قرار الحضانة، وهذه العوامل تمثل أساسًا لتحديد الطرف الذي سيُمنح الحضانة، بما يحقق مصلحة الطفل في المقام الأول. أبرز هذه المعايير تشمل:
-
سن الطفل: من المهم أن تأخذ المحكمة في عين الاعتبار عمر الطفل عند اتخاذ قرار الحضانة. بشكل عام، يُفضل أن تكون الحضانة للأم في الحالات التي يكون فيها الطفل صغيرًا (أي تحت سن السابعة)، حيث تكون الأم غالبًا قادرة على تلبية احتياجاته الأساسية.
-
حالة الأم الصحية والنفسية: تُعتبر الحالة الصحية والنفسية للأم من العوامل الحاسمة في تحديد الأهلية للحضانة. فإذا كانت الأم تعاني من مشاكل صحية أو نفسية قد تؤثر سلبًا على رعاية الطفل، يتم النظر في تحويل الحضانة للأب أو للجدين.
-
قدرة الأب على توفير الرعاية: في حالة عدم قدرة الأم على رعاية الطفل، يتم النظر في منح الأب حق الحضانة، ولكن يجب أن يثبت الأب أيضًا قدرته على توفير بيئة صحية وآمنة للطفل. وهذا يشمل توافر المسكن المناسب والعناية الكافية.
-
الاستقرار الاجتماعي للأسرة: في بعض الحالات، تُعطى الأولوية للأم إذا كانت تتمتع بحياة مستقرة اجتماعيًا، ولكن في حالة وجود بيئة غير آمنة أو غير مستقرة، يتم تحويل الحضانة إلى الأب أو أحد الأقارب.
-
الأدلة والشهادات: قد يتم الاستماع إلى شهادات من أطباء أو مختصين اجتماعيين لتقديم تقييم حول الوضع النفسي للطفل واحتياجاته، مما يساعد المحكمة في اتخاذ القرار الأنسب.
حق الأب في زيارة الأطفال
بعد الطلاق، لا يُحرم الأب من حقه في رؤية أبنائه، ويُعترف له بحق الزيارة في قانون الأحوال الشخصية الأردني. في الغالب، يُحدد قاضي الأمور العائلية جداول زمنية للزيارة تضمن تواصل الأب مع الأطفال، وقد تُخصص فترات زمنية محددة أو توجيه زيارات في أوقات معينة. الهدف من ذلك هو الحفاظ على العلاقة بين الأب وأبنائه، بما يساهم في استقرارهم النفسي والعاطفي بعد الطلاق.
تأثير الحضانة على الطفل
لا شك أن لحضانة الأطفال تأثيرًا كبيرًا على نمو الطفل وتطوره. فكلما كانت الحضانة في بيئة مستقرة توفر للطفل الأمان العاطفي والبيئة المحفزة، كلما كان تأثير الطلاق عليه أقل. ولذلك، يُعتبر الاهتمام بالصحة النفسية للطفل في هذه المرحلة أمرًا بالغ الأهمية. كما أن تغيير مكان الحضانة أو التنقل بين منازل الوالدين يمكن أن يؤدي إلى تشتت الطفل وزيادة صعوبة التأقلم.
الحضانة بعد الطلاق والعدالة
في كثير من الحالات، يثير موضوع الحضانة قضايا العدالة والمساواة بين الأب والأم. في النظام الأردني، يُحاول المشرع التوازن بين حق كل طرف في رعاية طفله. ورغم ذلك، غالبًا ما تتجه المحاكم إلى منح الحضانة للأم في الحالات التي لا تشكل فيها الظروف خطرًا على الطفل. ولكن مع تطور الوعي الاجتماعي والقانوني، أصبحت هناك دعوات لزيادة العدالة في تحديد الحضانة من خلال مراعاة الدور المشترك بين الوالدين في تربية الأطفال.
تحديات تطبيق الحضانة في الأردن
من أبرز التحديات التي تواجه قضية الحضانة في الأردن هي النزاعات الطويلة بين الأبوين بعد الطلاق. في بعض الحالات، قد يتم استغلال الأطفال كأداة ضغط في الصراعات بين الزوجين، مما يؤثر على صحتهم النفسية ويزيد من تعقيد قضية الحضانة. كما أن بعض الأمهات يواجهن صعوبة في توفير البيئة المناسبة لتربية الأبناء في حالة غياب الدعم المالي والاجتماعي.
دور المؤسسات الاجتماعية
تلعب المؤسسات الاجتماعية دورًا مهمًا في دعم الأمهات والأطفال بعد الطلاق. هناك مراكز متخصصة تقدم الدعم النفسي والاجتماعي للوالدين والأطفال، بالإضافة إلى تقديم استشارات قانونية تتعلق بحضانة الأطفال. هذه المراكز تُعد مصدرًا هامًا للأفراد الذين يعانون من مشاكل قانونية أو نفسية في مرحلة ما بعد الطلاق.
الختام
إن قضية حضانة الأطفال بعد الطلاق في الأردن هي قضية معقدة تتداخل فيها العوامل القانونية والاجتماعية والنفسية. يسعى النظام القانوني الأردني إلى ضمان مصلحة الطفل، وذلك من خلال تحديد المعايير التي تضمن للأب أو الأم القدرة على تقديم الرعاية المناسبة. ورغم أن الحضانة تُمنح في الغالب للأم، إلا أن القرار النهائي يبقى في يد المحكمة التي تأخذ بعين الاعتبار مصلحة الطفل بشكل أساسي.
